Tuesday, January 12, 2016

ستريپر مدريد

الليلة الثالثة فى مدريد لم تكن لتمضى هباءً مثل سابقتيها من الليالى، لا أنفى أن اليومين الماضيين كانا مُفعمين بالأحداث والاستمتاع والأنشطة المختلفة خاصة أنها المرة الأولى لى وإنجى فى هذه المدينة التى استطاعت أن تفرض مكانتها فى قلبينا، لكنها كانت أنشطة عواجيزى، كالاستيقاظ فى الثامنة صباحًا لنبدأ جولتنا فى المدينة ثم العودة إلى الفندق فى التاسعة مساءً.. منتشيتين ذهنيًا ومجهدتين جسديًا على أمل أن نحصل على قسط بسيط من الراحة لنبدأ سهرتنا لكن هذا الأمل يتبدد سريعا مع أول نظرة تلقى على الفراش المريح الباسط وساداته إلينا ليحتضننا ونغط فى النوم ولا يوقظنا إلا ساعتنا البيولوجية فى الثامنة صباحًا من اليوم التالى.

إنجى رفيقة سفر أكثر من رائعة، فقد سافرت أكثر من مرة قبل رحلة مدريد وسافرت كثيرا بعد رحلة مدريد، لكن تبقى هذه الرحلة أكثرهن قربا إلى قلبى، وتفهمت وقتها مبدأ الرفيق قبل الطريق، فإذا كان رفيقك نُص كم فمن الأفضل لك أن تسلك هذا الطريق وحدك، إنجى تشبهنى فى كثير من الطباع على الأقل المجنونة منها، تحب الإستكشاف، تتحمس لكل ما هو جديد ويضيف الإثارة والأدرينالين، تقدر ارتكاب الحماقات وتعتز بها لأن فى النهاية الحماقات هى التى تصنع اللحظات الحلوة التى لا تنسى، لا تخاف، لا تهاب ما هو غير معلوم، فقد تُهنا اليوم الماضى على الطريق السريع فى مدريد سيرا على الأقدام، لا توجد مواصلات عامة من أى نوع ولا نعرف أى شخص قد ينقذنا، وعلى الرغم من ذلك لم نترك إحساس الهلع يتملكنا واستمتعنا بكل لحظة من التوهان والخوف من هذا الطريق الذى لا ينتهى أبدا، كان متعة البحث عن كل ما هو جديد وإدمان دفعة الأدرينالين فى أجسادنا هو ما يقودنا..

كانت هذه هى الليلة الأخيرة لإنجى فى مدريد وتستكمل بعدها جولتها لتذهب فى صباح اليوم التالى لمدينة برشلونة، وكنت قررت أن أبقى فى مدريد ليومين إضافيين، لهذا كانت هذه الليلة خاصة لنا ولم نرد أن تنتهى نهاية كل يوم وأن نكلل هذه الرحلة بنهاية جامحة تليق بالأوقات الممتعة التى قضيناها معًا هنا، نظرت لى إنجى على العشاء لثوانٍ ثم همست لى حتى لا يستمع إلينا أحد من المجموعة التى نرافقها (تيجى نروح ستريب كلوب!) لمعت عيناى بالموافقة على الفور، ولم ينته سؤالها وإيماءتى بالموافقة حتى هبط علينا تامر من السماء ليعلن حماسه للفكرة، (وماله يا حبيبى طبعًا اتفضل تعالى اشرب شاى معانا!).تامر تربطه صلة قرابة بعيدة بإنجى، شاب فى أواخر العشرينات، لطيف ومهندم ودبلوماسى طوال الوقت، إلا انه ينهار تحت الضغط.. أى نوع من أنواع الضغط يتحول وقتها إلى شخص آخر هش الإنفعالات وردود الأفعال، كنا نستمتع أنا وإنجى بإختلاق المواقف التى تضع تامر تحت ضغط فنرى شخصيته الحقيقية ونضحك ونضحك ونعتذر له لاحقا.. والحقيقة أنه طيبته جعلته يتقبل هذا المزاح دون غضاضة.

اتجهنا إلى وسط المدينة المدريدية.. الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلاً والهدوء يسود الشوارع المحيطة بنا من كل اتجاه.. لم نعلم وجهتنا ولسبب لا يعلمه إلا الله حتى يومنا هذا لم نستخدم جوجل لإرشادنا لستريب كلوب معين ، أخذنا نتسكّع ببطء فى الشوارع على أمل أن نجد وجهتنا المنشودة غير المعلومة، ثم استوقفنا مدخل كلوب الذى كنا قد أخذنا الفلايرز الخاصة به من أحد الشباب منذ قليل،تشيلسى كلوب! مدخل صغير جدًا يكاد لا يلحظه أحد وتتلألأ اللافتة الزرقاء الخاصة به على استحياء ولا يوجد أحد يقف عند المدخل على الإطلاق، ثوان قليلة ثم خرجت سيدة فى أواخر الخمسينات تقريبًا تتحدث لنا بالإنجليزية الركيكة، طلبنا الدخول وقد أصرت إنجى على إخبارها بأننا صديقتا تامر المقربتان وجئنا لنحتفل بوداع عزوبيته، فلماذا قد تريد فتاتان دخول ستريب كلوب تتعرى فيه السيدات؟ لا أعرف أنا شخصيا إجابة محددة لهذا السؤال.. قال لى صديق مرة أن الفضول هو سر كل الأشياء فى الحياة، وكل مرة تقوم فيها بإشباع فضولك، تتزايد شهوة فضولك أكثر فأكثر.. كما لو كنت تحفر فى رمال المحيط، لن ينتهى ولن يتوقف إلا بقرار منك أنت، أما لو على ما يقدمه لك فضولك فلديه من الأصناف ما لا تعد ولا تحصى ولو قضيت عمرك كله تتناولها. وبالطبيعة الشرقية التى فرضت نفسها على شخصيتى بطبيعة الحياة والتربية والنضوج فى مصر، فكانت فكرة الذهاب لنادى تعرى وحتى التعرى نفسه يشكل صراعا نفسيا لا ينتهى.. فقد نضجنا على أن الجسد له حرمته بحكم الدين والمجتمع والعادات والتقاليد، ويبقى الجسد دائما فى مجتمعاتنا العربية حصن منيع لا يستطيع أحد إختراقه أو المساس بقواعده ومبادئه، والطرف الآخر من الصراع هو الشرقيون الجدد مثلى وإنجى، الذين قرروا التمرد على العادات والتقاليد والتفكير بتحرر، المنفتحين على العالم وعلى الآخر ويتقبلون إختلاف التفكير وأسلوب الحياة ولكننا فى النهاية عالقين فى منطقة رمادية لا نتسطيع فهمها أو التعامل معها، منطقة مرهقة لعقلك وأفكارك ومشاعرك.. وها أنا فى طريقى لإرباك كل ما تشكل عليه ذهنى منذ الصغر، فأنا اعتقد ان متعريات الجسد قد طرحن أرضا بكل الحواجز والموانع والتعقيدات لم يعد لديهن ما يخفن فقده أو التخلى عنه.. وفى بعض كتب علم النفس التى قرأتها أتذكر حلم معين يتكرر لدى الكثير من البشر حول العالم وتكرر بالفعل لدى بعض من أصدقائى ويصفونه بالكابوس، هذا الكابوس يظهر فيه صاحب الحلم عارى تماما أمام جموع كبيرة من الناس، يحاول إخفاء عورته على الأقل ولكنه يفشل ويرى الناس نجحظ أعينهم على جسده وتنهشه بالنظرات ويحاول الهروب والركض بعيدا ولكن كلما ركض كلما تزايد جموع الناس وكلما زاد هلعه وخوفه أكثر..

دلفنا إلى داخل الكلوب، وكان المسرح الصغير فارغًا من أى متعريات والموسيقى خافتة ولم يكن فى المكان غير ثلاثتنا وعجوز ستينى يحتسى الشامبانيا على طاولة صغيرة، أدركنا أننا بكّرنا المجىء وأن السهرة لن تبدأ قبل الواحدة صباحًا، جلسنا فى ملل وقد خابت آمالنا، ولم تمض أكثر من عشر دقائق حتى جاءت فتاتان أو بالأحرى سيدتان عاملتان بالستريب كلوب لتنضما إلينا على الطاولة الأولى؛ الأولى شقراء وتدعى باربرا والثانية ملامحها صينية ولا أتذكر اسمها.. لا أعلم السبب الذى جعلنى لا أشعر بالراحة لوجودهما على الطاولة، ربما بسبب نظرات تامرالملهوفة على جسديهما، والتى جعلتنى أتأكد أنى وإنجى سنواجه مهزلة مع مضى الوقت.. الفتاة الصينية أدركت أن تامر هو زبونها (السُّقع) فجلست بجانبه وقررت أن تتجاهلنا تمامًا وظلت تتهامس هى وتامر طوال الوقت.. أما باربرا فكانت روحها خفيفة جدًا، على الرغم من (الوش الجبس)الذى ظل عالقًا على وجهى وإنجى فى البداية نظرًا لغرابة الموقف إلا أنها استطاعت أن تلفت انتباهنا مع الوقت أو على الأقل انتباهى أنا

ما الذى يجعلك تنفر من شخص ما وتأنس لجلسة آخر؟ ما الذى يجعلك تتقبل فعلاً من شخص ما ولا تقبله من آخر؟ إنها الذبذبات.. أو كما تُعرف Vibes، كانت الذبذبات الخاصة بباربرا مختلفة تمامًا عن نظيرتها الصينية، فقد كانت الفتاة الصينية عاهرة (صِرفكما يقول الكتاب، داخلة على الموضوع على طول.. احنا لسه هنتكلم وناخد وندّى.. وأدركت أيضًا أنى وإنجى لن ننفعها بخير أو بشر لهذا تمسكت بتامر الملهوف وهذا ما لم أمانعه بالطبع، فهى تقوم بعملها على أكمل وجه ولا يجب أن تُلام على ذلكوالحقيقة أنه كان من المسلى رؤية تامر ينهار تحت هذا النوع من انواع الضغط النفسى.. أما بربرا فكانت ابتسامتها تشع طاقة حتى أنها استطاعت أن ترسم البسمة على وجهى وتجعلنى أتفاعل معها خاصة مع زيها الأحمر الذى يصرخ بالحياة والانطلاق.. وجدتنا باربرا صامتتينفطرحت علينا اقتراح الرقص الشرقى بعد أن علمت أننا مصريتان، فالمكان فارغ تمامًا ولن تبدأ السهرة قبل ساعة على الأقل، لفت انتباهى اقتراحها الذكى لكسر الارتباك الذى تملكنا أنا وإنجى منذ بداية دخولنا الكلوب، تعالت أغانى حكيم فى الستريب كلوب الإسبانى ورقصنا على المسرح أنا وإنجى وظلت باربرا تلتقط لنا الصور المهزوزة.. انتهينا من الرقص وكانت الضحكات تتعالى منا جميعًا بمنفينا تامر الذى أصر على مشاركتنا فقرة الرقص الشرقى ليعود سريعًا للفتاة الصينية التى لم تكن مرحبة كثيرًا بطريقة باربرا اللطيفة فى التعامل معنا، وأنا كنت متفهمة موقفها، فعملهن يقتصر على جمع أكبر قدر من المال من الزبائن وها هى باربرا تنسى دور وظيفتها وتتجاذب الأحاديث مع فتاتين لن تغنيا أو تسمنا من جوع.

انتهت فقرة الرقص الشرقى ولايزال المكان فارغًا، فقامت باربرا باستعراض قدراتها لنا على الرقص على العامود بساقيها الطويلتين بعد أن فشلت فى مجاراتنا فى الرقص الشرقى، جاء دور إنجى لتقليدها وبرعت إنجى أيضًا فى مجاراتها وذلك لأنها تتدرب على الـPole dancing فى مصر من منطلق المرونة واللياقة، شعرت بالغيرة للحظات من قدرة إنجى على إبهار باربرا بحركاتها، شعرت باربرا بدور المتفرجة الذى أتقنته فقامت بتعليمى الحركات شيئًا فشيئًا.. كانت باربرا ممتعة وجميلة الروح قبل الجسد.. لم أكن أنظر لها كمتعرية أو عاهرة تلاطف الزبائن وتستدرجهن إلى الفراش.. وظهرت كما لو أنها كانت منتظرة هذا النوع من التواصل الإنسانى.

جلسنا ولم تكن السهرة قد بدأت بعد أيضًا، وبدأت علاقة تامر والفتاة الصينية تأخذ منحنى آخر لم نرد أن نراه أو نتابعه، وكان تامر فى عالمٍ موازٍ لنا ولم يعد يهتم بوجودىوإنجى على الإطلاق، ولم يكن من المريح بتاتًا الجلوس بجانبهما وهما يفعلان ما يفعلاه.. أطلقت باربرا ضحكة عالية عندما لاحظت ارتباكنا من هذا المشهد ثم سألتنا (تحبوا نشرب سيجارة؟) وحتى لو لم نكن نريد التدخين فكان ترك هذه الطاولة أمرًا لابد منه حتى يستطيع تامراستعادة رباطة جأشه أو حتى على الأقل غلق بنطاله وقميصه! 

التدخين داخل الأماكن المغلقة ممنوع فى أوروبا كلها، إذا كانت لديك رغبة ملحة فى سيجارة فستطرد خارجًا فى البرد حتى تنتهى منها.. لذا، أمسكنا بمعاطفنا أنا وإنجى إلا أنها سرعان ما طلبت منّا تركها لأنها ستذهب بنا من خلال هذا الباب الخلفى إلى مكان سرى يمكن فيه تدخين السجائر وهو خاص بالعاملات فقط.. جلس ثلاثتنا على الدرج ندخن السجائر ثم استطردت باربرا فى الحديث عن طبيعة عملها، وكنت منتظرة للكليشيه التقليدى الذى ستقوم فيه باربرا بلعن عملها والحكى عن الظروف السيئة التى اضطرتها لهذا العمل، ولكن باربرا كانت تحب ما تفعل، وأصرت على التأكيد على هذه النقطة فى كل كلامها معنا، فهى ترى ما تفعله على المسرح نوعًا من أنواع الفن.. فهى تقوم بتعلم الحركات الجديدة كل فترة لتأديتها على المسرح، تتفنن فى اختيار ملابسها التى تخلعها لاحقًا على المسرح، لها مُطلق الحرية فى رفض زبون والقبول بآخر، يرفض الكثيرون مهنتها ويقللون من شأنها، وهذا ما يستدعيهنلاستخدام أسماء مستعارة.. (ما الرقص الشرقى فن، والباليه فن.. والتانجو فن وكله سخونة وإثارة، والباليه معظم حركاته هى الحركات اللى بنؤديها على المسرح، بس عارفين الناس بتقول إنها مابتحبش فننا ليه؟ علشان واضح وصريح وجايب من الآخر، مفيهوش ادعاء وتجمل إننا بنحرك المشاعر والأحاسيس الرقيقة.. مع إننا بنحرك أحاسيس برضه، أى نعم مش رقيقة هاهاها بس اسمها أحاسيس فى الآخر!).. وكانت هذه الكلمات هى سر وقوعى فى حب باربرا.. واضحة وصريحة وجميلة وعفوية وصادقة أيضًا، فتحت الهاتف المحمول الخاص بها لترينا منزلها الصغير الذى أصرت على وجود حديقة صغيرة ملحقة به لأنها تحب المساحات الخضراء وحتى تسمح لطفلها الصغير بالاستمتاع فى أوقات اللعب.. والدها رجل فى الستين من عمره يقوم برعاية أبنائها فى فترات عملها، باربرا لا تعمل فقط كمتعرية بل تعمل أيضا كموظفة استقبال فى فندق 3 نجوم، ثم لفت انتباهى صورة للوحة فنية مليئة بالألوان فى الجاليرى الخاص بهاتفها.

(ده انتِ اللى راسمة ده؟). 

(لا دى بنتى الكبيرة.. موهوبة جدًا فى الرسم، كنت بارسم زيها وأنا صغيرة بس نسيت الكلام ده من زمان، بافرح أوى لما باشوفها بترسم.. باحس إنها بتكمل جزء راح منى، أنا اسمى الحقيقى كارمن على فكرة).

ابتسمت مع معرفتى لاسمها الحقيقى، كانت باربرا أيضا تشعر بالذبذبات الصادفة التى نتبادلها، كما لو أنها تقول لنا رسميًا (انتو مش زباين فى المكان.. بل صديقتان أحببت التواصل الإنسانى معهما حتى لو لن نتقابل مرة أخرى)، أو على الأقل هذا ما شعرت به أنا طوال جلستنا على الدرج معًا والذى يمتلئ بالمتعريات ذهابًا وإيابًا يتبادلن الضحكات معنا ومعها..

حان وقت بداية عرض السهرة، عدنا للقاعة التى امتلأت بالزبائن والعاهرات والمتعريات، لم يكن تامر موجودًا مما دفعنا للقلق قليلاً لكن انتهى هذا الشعور مع مشاهدته يخرج متعثرًا من باب ما ويقوم بإدخال قميصه وترتيبهندامه وارتسمت على وجهه ابتسامة مرتبكة قائلاً(وحشتونى والله!).

(لا مايهمكش طالما انت مبسوط احنا كمان مبسوطين يا تامر.. اقعد بقى ولم الدور).

جلسنا فى انتظار العرض، لتبدأ الفتاة الصينية فى التعرى وهى ترمقنا أنا وإنجى شذرًا لسبب لا يعلمه إلا الله، نظرنا لتامر الذى أخذ فى التصفيق لها بحماس صارخًا (هايلة! هايلة!) فقالت له إنجى ضاحكة (دى مش مسابقة ملكة جمال الشاطئ يا تامر فيه إيه!).

دخلت بعدها باربرا على المسرح بابتسامتها التى علت وجهها مع رؤيتنا وأخذت تتمايل على العمود حتى جاء وقت اختيار زبون ما ليجلس على المسرح معها وطلبت منى أنا وإنجى الاختيار، وقع اختيارنا على العجوز الستينى الذى كانت عيناه تجحظان مع تعرى باربرا لملابسها والذى انتظر طويلاً حتى بداية العرض.. مع صعود العجوز على المسرح شعرت وكأن كارمن لم تعد موجودة.. تحولت كارمن لباربرا المتعرية، واختفت الذبذبات التى كنا نتواصل بها أنا وكارمن أو أنا وباربرا، على المسرح تتجرد باربرا من كل شئ، من المشاعر ومن الإبتسامات الصادقة حتى تستطيع ان تؤدى ما تؤديه.. كانت باربرا متحمسة جدًا فى عرضها مع العجوز الذى كنت أشعر كما لو أنه يلفظ أنفاسه الأخير مع كل قطعة تخلعها باربرا وتلقيها بعيدا ولم يتمالك نفسه قبل أن تجلس باربرا على ساقيه عارية تماما وظهر البلل واضحا على بنطاله وقامت باربرا بإعطاءه ملابسها الداخلية التى سقطت على المسرح بحركة استعراضية ليخفى ما يستطيع أن يخفيه.. شعرت كما لو أن باربرا تستعرض أكثر من الطبيعى أمامى وإنجى.. تريد إبهارنا بما تفعله وتريد إغاظتنا بما لن نقوى على فعله!

لم نشعر بالوقت إلا بالصدفة عندما أمسكت هاتفى وكانت الساعة تُشير إلى الثالثة صباحًا ومازالت السهرة ممتدة للخامسة صباحًا لكن أنا وإنجى قررنا العودة للفندق، وقامت باربرا بتأخير ظهورها للمسرح والتبديل مع متعرية أخرى حتى تصطحبنا لمدخل الكلوب وتودعنا..

(هشوفكم تانى بكره؟)

(مش عارفين.. هنحاول)

(خليكم متأكدين إن ليكم بيت دايما فى مدريد مفتوح لكم فى أى وقت!)

ابتسمنا ولم أفهم هل المقصود بالبيت هو الكلوب أم منزلها الحقيقى ولكن فى رأيى لن يختلفا كثيرا، فالكلوب هو بيت باربرا والمنزل الدافئ ذو الحديقة هو بيت كارمن..  ثم تذكرنا تامر الذى لم يخرج معنا فضحكت باربرا قائلة (لأ تامرواضح إنه هيحصّلكم بعد شوية مش دلوقتى خالص!).




Saturday, June 27, 2015

جدا جدا

غريب جدا إنك لما بتحس بحاجة بتقرر ماتصدقش إحساسك، والأغرب ان لما بتقرر تصدق رأي وإحساس شخص تاني، وغريب جدا ومحبط لو إحساسك طلع غلط مرة عشان ده بيضعف فرصة انك تصدق إحساسك تاني.. هو موضوع الإحساس ده غريب عامة،

ساعات بقعد افكر في الأحاسيس اللي احنا عارفينها زي الحب والاشتياق والكره، ما يمكن مش هي دي زي ما بنحسها فعلا، يعني لما بحب حد اوي بقعد افكر هل أنا بحبه فعلا؟ وإيه مصدر معرفتي بشعور الحب ده؟ الأغاني اللي لقنتنا سطمبة معينة ولا الأفلام اللي علمتنا اننا لازم الحب يبقى بشكل معين وأي حاجة تانية غريبة؟ ليه لازم كلنا نحب بنفس الشكل والتعبير؟

على أد ما انا لسه تايهة على أد ما الفضفضة دي إدتني براح غريب وشعور بالراحة خلى إحساس التوهان ده ياخد راحته، على الأقل مبقتش عايزة اخبط دماغي في الحيط وأكسرها من كتر التفكير..

اللي إتأكدت منه الايام اللي فاتت إني بحب الكتابة جدا، وبحب شعور الراحة والإبتسامة الصغيرة اللي بتترسم على وشي بعد ما أكتب أي حاجة، بحس إني موجودة فعلا..

مبقاش عندي إحساس الرهبة من التغيير وده شئ مبسوطة منه جدا، وبقيت مأهلة نفسي ان ممكن التغيير يطلع زي الخرة وأغير لحاجة تانية وهكذا..

انا فيا عيوب كتير جدا ومتقبلاها ومش حاسة بالذنب ناحيتها، عارفة ان لو حد عرفها هتضايقه جدا بس أنا عمري ما بعمل حاجة عشان اضايق بيها حد، بعملها لمجرد اني عايزة أعملها وهي غلط وأنا متصالحة مع ده..

أنا بقيت بتأمل كل يوم قبل ما أنام وبفضي دماغي زي بتوع اليوجا والحاجات دي، ماعملتليش أي إختلاف لحد دلوقتي بس لسه بعملها برضه.

Thursday, June 25, 2015

خوف رايح جاى

الخوف من التغيير.. والخوف من انك تفضل على حالك ماتتغيرش .. والخوف من انك تعمل تغيير وحش.. والخوف من انك تفوت على نفسك تغيير حلو.. الكمفورت زون دي بقت بايخة جدًا وأنا بقيت كسلانة جدًا. أنا فاكرة كويس اوى إحساس الأدرينالين وأنا متحمسة لحاجة حباها، إحساس حلو فشخ، كنت ببقى ممكن أمشى على الحيط وبحس انى ممكن امسك الكرة الأرضية دي اطبقها فى إيدى، المشكلة إن الكومفورت زون بتبدأ توسوسلك إنك ليه تعمل تغيير لما ممكن تحس إحساس الأدرينالين ده وإنت قاعد فى مكانك.. أنا فاهمة قصدها، شئ لطيف طبعا بس المشكلة ان مع الوقت بتبقى محتاج جرعة أكبر زى أى إحساس حلو بتدمنه، وطول ما انت فى مكانك مبتبقاش عندك إحساس بالرضا عن الجرعة المعتادة، ده لو بقى فيه جرعة بقى أصلا.

وبعدين تاخدك الجلالة وتقول ما هم كل العظماء عملوا تغيير ما خلاهم عظماء، قال يعنى انت كده عظيم فشخ وهتغير الكون، وفى نفس الوقت بتبقى عايز فعلا تغير الكون فبيحصل إشتباك فى المشاعر بتزهق منه وتضطر تتفرج على اى حاجة ولا تكلم حد عشان متاخدش بالك من الخناقة اللى بتحصل جواك دى واللى مابتوصلش بيها لحاجة.

نرجع للخوف اللى فوق، إنت كده بتبقى مدمن فى إتجاهين، مدمن للكمفورت زون ومدمن فى نفس اللحظة للأدرينالين، الفكرة المضحكة بقى ان الكمفورت زون بتبدأ تهيألك ان ده مكنش ادرينالين ولا حاجة وأصلا الأدرينالين إحساسه مش كده، الأحلى إنك تفضل قاعد فى اللى انت متعود عليه أيا كان إيه هو..

المهم ان كل الكلام ده والفلسفة بتاعت التدوينة دى واللى قبلها جت بعد ما انا فى عز انفعالى بقنع صديق بأهمية اللى بيعمله وان اى حاجة هيعملها هتتحول لروتين وان اللى هو حاسه ده طبيعى، كإن الدنيا بتدينى قفا وبتقول لى إنتى صدقتى نفسك وبقيتى ابراهيم الفقى ولا إيه؟ طب خدى قفا التوهان ده عشان تتعدلى..

نرجع برضه للخوف.. أغيّر؟ ماغيّرش؟ إنتم عارفين انى نادرا ما بغير أكلة معينة بطلبها من مكان؟ أو طرابيزة بقعد فيها فى مكان معين؟ بس الظريف جدا واللى بحبه انى ببقى مقريّفة وأنا رايحة مكان جديد لأول مرة وبعدين مع الوقت بحس ان ما هو عادى اهو مالك بس؟ وده اللى مطمنى نوعا ما.. انا خايفة أه من التغيير بس عارفة اللى فيها بس فى نفس الوقت ياريتها تبقى على أد أكلة هتتهضم او مكان مصيرك فى الآخر تسيبه بعد كام ساعة وترجع بيتكم..

بيقولك أكتر حاجة خايف انك تخسرها إخسرها عشان متبقاش مرتبط  بحاجة زيادة عن اللزوم.. ده عبيط ده ولا إيه؟

Tuesday, June 23, 2015

ازمة ربع العمر..

بقالى كتير مكتبتش اللى بيدور فى بالى، مؤخرا كانت كلها آراء.. ولما رجعت بالمدونة لسنين فاتت لقيتنى كنت بكتب اللى بييجى فى بالى واللى بيتكلم عنى من جوا، الإحساس اللى بحسه وبيكبر يوم بعد يوم مبقتش عارفة اتصرف فيه وبيكبر كل شوية وبيطبق على نفسى.. الفكرة المضحكة المبكية فى الموضوع ان فى اللحظة اللى بتحس فيها انك ماسك زمام الأمور وعارف انت عايز ايه كويس اوى بتيجي دايما وراها لحظة الإنهيار كإن فيه حد بيضحك وبيشاور عليك وبيقول "قال عرفت انت عايز إيه قال.. هاهااهاهاا".. لحظة الإنهيار اللى حساها دلوقتى طايلة كل حاجة فى حياتى حتى الحاجات اللى كنت عارفة انها من المسلمات.. مبقتش فاهمة جدوى الوجود ولا بقيت فاهمة انا مطلوب منى أعمل إيه ولا بقيت عارفة لما اوصل للى كنت فاكرة انى متأكدة منه هعمل بيه إيه ولا بقيت عارفة اى حاجة فى أى حاجة.. الشخص الأنا اللى انا عارفاه واقف قدامى مهزوز وبيترعش وخايف وواحشه إحساس انه عارف ومسيطر على الحاجات كلها.. اللى مجننى اكتر انى حتى مش متأكدة اللى حساه ده بجد ولا بتدلع، مبقتش فاهمة المشاعر المختلفة ولا مسمياتها ولا هى عاملة إزاى وبقيت بشكك فى كل حاجة انا كنت فاكرة انى عارفاها.. يعنى انا دلوقتى متضايقة وتايهة بجد ولا ده مش بجد ولا بكرة هبقى كويسة عادى ولا إيه اللى بيحصل بظبط؟

انا عمرى ما كنت عارفة انا عايزة ايه، يعني مكنتش عايزة اطلع حاجة معينة وانا صغيرة مثلا، بس مع الوقت اتأكدت من حاجات عايزة اعملها واتأكدت من حاجات بحبها بس حتى دول بقيت بشكك فيهم دلوقتى بشكل بيضرنى وبيزعلنى وبيجرحنى..

المشكلة فى تضارب المشاعر والرغبات ده انى حتى مش قادرة احدد انا المفروض اعمل ايه.. وده اسوأ شئ فى الموضوع، يعنى فيه ناس بتبقى عارفة هى عايزة ايه بظبط، وفيه ناس بتبقى عارفة هى مش عايزة إيه.. أنا بقى مش فاهمة اصلا حاجة، من كتر التفكير فيوزات مخى بتسخن وتسيح.

فيه حلم حلمته من فترة ودايما بفتكره وأنا نادرا ما بفتكر أحلامى.. كنت واقفة فوق مكان عالى جدا اكتشفت انهم مسميينه قمة العالم، شايفة كل البلاد وكل الناس وكل الحاجات تحتى وأنا واقفة فوق القمة دى وحاسة بسلام نفسى رهيب، الإحساس من كتر ما انا حساه صحيت من النوم وأنا حساه وفاكراه بجد وشامة ريحة الهوا والجو اللى كانوا حواليا..

المشكلة الأكبر هو الخوف من اتخاذ اى قرارات فى الوقت ده، لأن ده هيرجعنا لفكرة البيضة ولا الفرخة، يعنى هل اللى أنا حساه ده حقيقى ومستمر وبناءا عليه اتخذ قراراتى ولا مجرد تضارب مشاعر مؤقت وتوهة مؤقتة بتحصل؟

بحسد بتوع الأفلام على الصوت اللى بيظهر لهم فى اسوأ لحظات حياتهم ويرشدهم للطريق الصح، بس شكلها مفيهاش اصوات وهى حلزونة مضطرة ألفها لوحدى..

أنا مش عارفة أعمل إيه.. وتايهة، وعندى فوبيا من ان الوقت يمر وأفضل فى نفس التوهان ده وأوصل لوقت افوق فجأة واكتشف انى قضتها توهان وموصلتش لأى حاجة وأعتقد ان ده هيبقى اسوأ شئ حصلى فى حياتى.